السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]**************
بشقة أحد أصدقائه و عبر شرفتها المطلة على الشارع بدأ يمسح المنطقة بنظرات قلقة مترقبة ، ينتظر قدوم فتاته التي واعدته بالمجيء ....فجأة رن هاتفه الخلوي لتهللت أسارير وجهه...لا شك أنها هي ...
و تفحص صاحبنا رقم المتصل ، ليكتشف أنها مكالمة من أسرته ...
تأفف في تدمر بالغ مستنكراً المكالمات التي تكون غالبا في غير وقتها
و بحركة عصبية أطفأه مرددا بحدة : (( ألا يستطيع المرء أن ينعم بلحظة أنْس و مرح واحدة ؟؟ هل من الضروري أن أتلقى وابلاً من المواعظ ذاتها و أن أتلقى دوماً نفس المحاضرة التي تتغنى بحسن السيرة و السلوك...أوووف...يا لهذه الأم التي لا زالت تحسبني بعدُ غِرَّا فتيا...))
و في خضم انفعالاته و غليان دمه رن جرس الباب ، فأسرع لفتحه بخطوات سابق بها الريح.... إنها الحبيبة التي طال انتظارها ...دخلا معا...ليوصد الباب عليهما ، و على كل العالم الخارجي...
و بعد أن أمضى ليلته الحمراء ، مطلقا العنان لمجونه و لنزعاته الحيوانية ...
شغل من جديد جهازه الخلوي...لتعاوده نفس المكالمة ، إنه هاتف البيت من جديد....
على الطرف الأخر من الخط صوت أخته تصيح في شبه هستيريا آلوووو..أحمد ، أين أنت ؟؟؟ أمي إنهاااااا...تعال يا أحمد ، لقد نقلناها للمستشفى ، إنها في حالة طارئة ...في غرفة الإنعاش...
هنا ، تسمر صاحبنا في مكانه ، أحس وكأن كل شيء توقف...و تمنى لو أنه طار ليجد نفسه جوار أمه...
و أخير ها هو مبنى المستشفى ، لم يشعر صاحبنا إلا و هو يسلم ساقيه للريح مهرولاً بين ردهاته و ممراته باحثا عن غرفة الإنعاش...
و اخيرا و صل للغرفة الموصدة حيث والدته تصارع بين الحياة والموت ، فوجد كل أفراد الأسرة يترقبون في توتر بالغ ...دموع ، آهات تحسر...و نظرات كأنها لأشباح موتى ... تجمد صاحبنا في مكانه ، واستند إلى الحائط بعدما أحس بنظرات أهله تمزق قلبه و تخترق أعمق ذرة في كيانه ، و لسان حالهم يقول :
أ ين كنت طوال هذه المدة ؟...
و بعد لحظات و كأنها دهر طويل فتحت غرفة الإنعاش ، و خرج الطاقم الطبي ليهرع متسائلا ككل أفراد الأسرة عن حال الأم...
أجابهم الدكتور بأسف شديد : عظم الله أجركم في الفقيدة.... كلمة زلزلت كيان الإبن ، كأن قديفة حطته إلى أشلاء...و اختلطت دموع كل أفراد الأسرة بصرخات تفجعهم...غير أن صاحبنا تسمر في مكانه كصنم جامد ، كجثة في عِداد الأموات ، و إن حُسِبت من الأحياء...
رحلت دون أن يتمكن من وداعها دون أن يطلب منها كلمة سماح كباقي إخوته ، رحلت دون أن يعبر لها عن حبه و امتنانه وشكره .
*****
مع تحياتي ....