صقر بلدروز عــضـو جـديــد
المشاركات : 26 العمر : 34 العمل/الترفيه : طالب نقاط : 5560 الاقامة : بلدروز تاريخ التسجيل : 12/11/2009 توقيع المنتدى :
| موضوع: سهرة مع عنترة نص مسرحي ........ الجمعة نوفمبر 13, 2009 9:18 pm | |
| (مبنى حديث يشرف على الصحراء، أمام البيت أريكة وكرسيان ، حينما تفتح الستارة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يكون المسرح خالياً ، يصعد الراوي من بين الجمهور، يلبس ملابس عصرية) </SPAN> الراوي: اسمي ( … ) </SPAN>أعملُ في ( … )( ) </SPAN>سأكونُ الراوي في سهرتنا الليلهْ </SPAN>مع عنترةَ العبسيّ </SPAN> </SPAN></SPAN> (يدخل بعض العمال يصلحون من وضع الأريكة والكرسيين .. فيُحادثهما بصوت خفيض، ويُشير إليهما بالخروج، ويتنحنح، ويتأكّد من سلامة الميكروفون) </SPAN>واحد .. اثنان .. ثلاثة </SPAN>لا بأس </SPAN>(يتنحنح) </SPAN>سيداتي .. سادتي </SPAN>معنا في هذي الليلة ضيفْ </SPAN>جئتُم من أجلِ مشاهدتهْ </SPAN>ولقد أتعبنا حتى جاء </SPAN>رفض طويلاً أن يتحدّث معنا </SPAN>هاأنذا أسمعُ صوتَه </SPAN>صوت عنترة: (من وراء ستار) </SPAN>أغشى فتاةَ الحيِّ عندَ حليلِها </SPAN>وإذا غزا في الحربِ لا أغْشاها </SPAN>وأغُضُّ طرفي ما بَدَتْ لي جارتي </SPAN>حتى يُـواري جـارتي مأْواها </SPAN>إني امرؤً سمحُ الخليقةِ ماجِدً </SPAN>لا أُتبعُ النفسَ اللجـوجَ هواها </SPAN>(يمرُّ طيفُ عبلة، فيبتهجُ الراوي ويُصفق بيديه) </SPAN>الراوي: حينَ رأيْتُكِ غنَّيْتُ : </SPAN>لماذا أخفيْتِ الوجْهَ ملِيًّـا </SPAN>بينَ الكفَّيْنْ ؟ </SPAN>(يدخل عنترة من الكالوسِ الأيْمن) </SPAN>الراوي: يا للحظِّ الجيد </SPAN>أَيُطِلُّ بِوجهي ملكُ العشقِ، الفارسُ عنترةُ العبسيّْ؟ </SPAN>(يُمازحه) </SPAN>أكنتَ تُخبِّئُ وجهكَ في سمْتِ الخائفِ؟ </SPAN>عنترة: (يُصافح الراوي) </SPAN>طاب مساؤك .. </SPAN>الراوي: أهلاً يا عنترةُ العبسيّْ </SPAN>ها قدْ جئتَ أخيراً </SPAN>كيْ نستمتعَ بحديثِكَ في الحبِّ وفي الحربْ </SPAN>عنترة: عشتُ أُحبُّ الناسْ </SPAN>وأُدافعُ عنهمْ </SPAN>لا أقدرُ أنْ أبعد عنهمْ </SPAN>ولذا .. جئتُ أُشاهدُهمْ! </SPAN>الراوي: معذرةً .. </SPAN>هم جاءوا كي يحتفلوا بك </SPAN>(يبلع ريقه) </SPAN>لكنَّك كنتَ تُؤجِّلُ وتسوِّفْ </SPAN>(يتلعثم) </SPAN>أجلتَ الموعدَ أكثر من مرَّهْ </SPAN>(يبلع ريقه) </SPAN>(ماذا يعني اسمُ الفارسِ عنترةَ العبسيِّ </SPAN>إذا كانتْ غدَّارتُه للصَّمْتِ ؟) </SPAN>(يضحك، ويكلم الجمهور) </SPAN>سنبْصِرُ وجْهَ الفاتِكِ بعدَ قليلْ ! </SPAN>وطوال الأيامِ القادمةِ العشرةِ </SPAN>في كلِّ مساءٍ نُبصرُهُ، ونُحاورهُ </SPAN>فوقَ الخشبةِ .. في المسرحِ </SPAN>أو نُبصِرُهُ يخترِقُ فضاءَ الشارِعِ </SPAN>أو يخترِقُ فضاءَ الحجْرَةِ </SPAN>كالسَّهْمِ النَّارِيِّ </SPAN>لا يخرجُ عنْ طقْسِ العادةِ والإلْفِ </SPAN>وعُبيْلتهُ تتحدَّثُ كلَّ مساءٍ </SPAN>عنْ أشواقِ القلْبِ ، وأسطورتِها الأولى </SPAN>يتحدَّثُ ـ هو أيضاً ـ </SPAN>عن أُنثاهُ الأولى .. </SPAN>صوت المتفرج: (من الصالة) عبلهْ؟! </SPAN>امرأةٌ تسكُنُ تجويفَ الصَّدْرِ </SPAN>وتأكلُ تُفاحةَ قلبي في اطْمئْنانْ ! </SPAN>والجسمُ الهشّْ لأمثالي العشاقِ العصريينْ </SPAN>ينخرُهُ السوسُ / الدُّودُ / </SPAN>السرطانْ ! </SPAN>* </SPAN>أما زوجي </SPAN>فامرأةٌ لا تسكُنُ قلبي </SPAN>بل تسرقُ حبي </SPAN>تحدوني بالعشقِ </SPAN>وتفتحُ جُرْحي ! </SPAN>تسخرُ منْ صمْتي </SPAN>أوْ منْ بوْحي </SPAN>ترقُبُ عثراتْ خُطايَ </SPAN>المنزلقةِ في درْبِ النِّسْيانْ ! </SPAN>… </SPAN>أما عبلة .. </SPAN>أينما ألقتِ الشباكَ لِـــحاظاً </SPAN>أسرتْني، فمنْ مُجــيري منْها ؟! </SPAN>(تمر الممثلة التي تتزيا بزي عبلة، تحمل مرآة كبيرة تنظر فيها، وحولها عدد من الجواري) </SPAN>عنترة: هل هذي عبلة؟! </SPAN>الراوي: واحدة تُشبهها </SPAN>عنترة: (مفكراً) بل هذي عبلة! </SPAN>(مترنما) تعودينَ </SPAN>أفتحُ صدري لبوْحِكِ </SPAN>تولدُ في الأُفقِ نجْمَهْ </SPAN>دُموعُكِ تُمْطِرُني باللآليءِ </SPAN>تَدْخُلُني ألْفُ غَيْمَهْ </SPAN>أنا الآنَ في لحظةِ البوْحِ </SPAN>في رعشةِ الجرْحِ </SPAN>أخشى رياحَ السَّمومِ </SPAN>عِتابَ النجومِ </SPAN>تعودينَ ـ يا ليْتَ ـ بسْمَهْ ! </SPAN>تعودينَ </SPAN>أملأُ بالبوْحِ هذي الشواطِئَ </SPAN>يُشرقُ تحتَ سنابِكِ خيْلِ الهزيمةِ وجْهي </SPAN>يُعانِقُ حُلْمَهْ ! </SPAN>الراوي: ما شاء الله! </SPAN>أعجبكَ الليلة مسرحنا الصيفي </SPAN>وأُعجبتَ كثيراً بشبيهة عبلهْ </SPAN>لكنَّك كنتَ تُؤجِّلُ وتسوِّفْ </SPAN>(يتلعثم) </SPAN>أجلتَ الموعدَ أكثر من مرَّهْ </SPAN>عنترة: (لا يرد) </SPAN>الراوي: (يبلع ريقه) </SPAN>موعد لقيانا هذا </SPAN>عنترة: كنتُ أشكُّ بجدوى أن يسمع أحدً أقوالي </SPAN>في عصري الماضي </SPAN>كيف إذنْ تستمعونَ كلامي </SPAN>في عصرٍ تالٍ لمْ أُخلَقْ لهْ؟ </SPAN>عصركمو هذا؟! </SPAN>الراوي: (مستميلا) </SPAN>لكنَّا نبغي أن نعرفكَ </SPAN>ونسمع صوتكَ .. </SPAN>ونُجالسُك ونروي عنك </SPAN>انظرْ .. </SPAN>هذا الجمهورْ </SPAN>يعرفُك، ويحفظُ أشعاركْ </SPAN>يعرفُ أمك وأباكَ وشيبوبَ وعبْلهْ </SPAN>(يظهر الامتعاض على وجه عنترة، ويُصفق الجمهور تصفيقا حادا، ويصعد على الكرسي في الصالة أحد الأشخاص ويهتف مُنغِّماً ما يهتف به …) </SPAN>المتفرج: بالروح .. بالدم .. نفديك يا عنترهْ </SPAN>بالروح .. بالدم .. نفديك يا عنترهْ </SPAN>(يتكرر الهتاف عدة مرات) </SPAN>عنترة: (تمر عبلة، فيشدو) </SPAN>تعاليْ إلى حبَّةِ القلبِ </SPAN>صُبِّي دُفوقَ الضِّياءْ </SPAN>فإنِّي بأُفْقِكِ </SPAN>ذرَّةُ شوقٍ </SPAN>تتوقُ إلى عَتَباتِ الضِّياءْ </SPAN>وأعرِفُ أنَّكِ حُبِّي الذي عاشَ عمراً يُؤجَّلُ </SPAN>في صفحاتِ الرَّجاءْ </SPAN>وهذي تباريحُ قلبي </SPAN>تشُقُّ المفازاتِ، تهْفو إليْكْ </SPAN>وطيْرُ الحنينِ يُغَرِّدُ </SPAN>بينَ الحنايا </SPAN>يُنادي عليْكِ : </SPAN>ـ متى يا حبيبةَ قلْبي اللقاءْ ؟ </SPAN>مشوقاً إليكِ أَجيءُ وقدْ أنكرتْني دروبي </SPAN>بعُمرٍ يُمزِّقُهُ في سَوَادِ الليالي السُّؤالْ : </SPAN>متى يستضيءُ المُحِبُّ بنورِ الجمالْ ؟ </SPAN>وكيْفَ أُعاودُ قيْظي لأنعمَ يوماً لديكِ </SPAN>بفيْءِ الظِّلالْ ، </SPAN>وفيْضِ العطاءْ ؟ </SPAN>الراوي: (يصفق بيديه) </SPAN>أرأيت ..؟ </SPAN>هذا الجمعُ الحاشدُ يهتفُ لكْ </SPAN>ويُحييكَ الليلةَ مثل تحيّاتهْ </SPAN>للرؤساءِ وللقوّادْ </SPAN>أنت الفارسُ، أنت القائدُ .. </SPAN>والبطلُ الأُسطورةْ </SPAN>عنترة: (يُقاطعه في ود) </SPAN>أشكرُ هذا الجمعَ الحاشدَ منْ أبنائي </SPAN>لكني يا ولدي … </SPAN>لستُ بفارسكمْ أو قائدِكمْ </SPAN>أو هذا البطل الأسطورةْ </SPAN>لستُ الرجلَ المُلهَمْ </SPAN>كمْ عانيْتُ وقاسيْتْ </SPAN>كيْ أنتزعَ حقوقي منْ عبسْ </SPAN>حقَّ الحريةْ </SPAN>حتى لا أبقى عبداً فيهمْ! </SPAN>الراوي: (مقاطعا) </SPAN>يا عنترةُ العبسيّْ </SPAN>إنا نحتاجُ إليكْ </SPAN>كي تُخرجنا ببطولتكَ الفذَّةْ </SPAN>منْ هذا اليأسْ </SPAN>(مداعباً) </SPAN>هل تزرعُ بمجيئك وردةَ أملٍ خضراءْ </SPAN>في هذي الصحراءْ ؟ </SPAN>عنترة: استغفرْ ربكَ يا ولدي </SPAN>فأنا … </SPAN>(يتلعثم) </SPAN>لا أقدر أن أخرجكم من هذا اليأس </SPAN>الراوي: (في قنوط) </SPAN>إنا نغرق .. نغرق </SPAN>(صمت) </SPAN>لتحاولْ أن تُخرجنا من هذا اليَمّْ </SPAN>عنترة: استغفر ربَّك يا ولدي </SPAN>لستُ إلهاً .. </SPAN>حتى أقدر أن أُخرجَ أحداً من يمِّهْ </SPAN>الراوي: (مصاباً بخيبة) </SPAN>هل نتحاورُ يا عنترةُ الليلةْ </SPAN>عنترة: فيمَ ؟ </SPAN>الراوي: إني أشعرُ بالحسرة والضيقْ </SPAN>أصرخُ في كل طريقْ </SPAN>في هذَيانْ : </SPAN>أين الفتيانْ ؟ </SPAN>أين الفرسانْ ؟ </SPAN>عنترة: هل ردَّ عليكَ أحَدْ ؟ </SPAN>الراوي: كلا .. </SPAN>عنترة: هل سمعوا صوتَكْ ؟ </SPAN>الراوي: سمعوا ما قلتُ جليا </SPAN>وأداروا الظَّهْرَ ، وصاحوا في استنكارْ </SPAN>عمَّ تتحدَّثْ ؟ </SPAN>ـ عن وطنٍ نبنيهْ </SPAN>قالوا في استهتارْ </SPAN>أيَّ الأوطانِ ستبنيهْ ؟ </SPAN>وبلادُك يمرحُ فيها البومْ ؟!! </SPAN>عنترة: ما أقسى أن تقف وحيداً في هذا التيهْ </SPAN>إذ نفَضوا أيديَهمْ </SPAN>وانفضُّوا من حولكْ </SPAN>لكنكَ تقدرُ أن تعملَ وحدكْ </SPAN>حتى إذ أبصرت الأعينُ أعمالَك </SPAN>التفَتتْ لكْ </SPAN>الراوي: أصحابي جلسوا في مائدة الضوءْ </SPAN>أكلوا .. حتى تخموا </SPAN>شربوا .. حتى ثمِلوا </SPAN>وقضَوْا أوقاتا ممتعةً في أرصفة الميناءاتْ </SPAN>يلهون بحسْوِ اللذةِ ومرافقةِ الحسناواتْ </SPAN>وأنا في كل صباحٍ أسألُ نفسي </SPAN>هلْ تمضي وحدكْ؟ </SPAN>عنترة: والأصحابْ؟ </SPAN>الراوي: رحلوا للصحراءْ </SPAN>ما قالوا قولةَ حقٍّ في سلطانٍ جائرْ </SPAN>بلْ قالوا نعتزلُ الفتنةَ </SPAN>لا نرضى أن نغمِسَ أيديَنا في طبقِ الدَّمْ </SPAN>وانطلقوا للصحراءْ </SPAN>يرعونَ الأغنامَ ، يصبونَ القهوهْ .. </SPAN>ويصيرونَ عبيداً … عصريينْ </SPAN>عنترة: ولماذا فرُّوا منْ هذا الوادي المُغدِقْ؟ </SPAN>الراوي: فرُّوا لما استأثرَ واليهمْ بالأخضرِ واليابسْ </SPAN>هذا ما يُتعسُهمْ </SPAN>(متراجعاً) </SPAN>هذا ما يتعسُنا </SPAN>هذا قولهمو لا قوْلي! </SPAN>عنترة: عفواً يا ولدي </SPAN>(ينظر إليه فيراه حزيناً) </SPAN>ما هذا الحزنُ البادي في عينيكْ؟ </SPAN>ما هذي الرعشةُ في صوتكْ؟ </SPAN>الراوي: عجباً يا عنترةُ </SPAN>أحدِّثُكَ بحزنٍ عمّا يُتعِسُنا </SPAN>لكنكَ لا تتأثَّرُ .. </SPAN>بلْ تتعجَّبُ منْ حُزني </SPAN>أوْ منْ قهْري .. </SPAN>يا خيبةَ أمري! </SPAN>عنترة: ما يتعسكمْ أنتُمْ أقدرُ في رؤْيتِهِ </SPAN>أقدرُ في وضْعِ حلولٍ وإجاباتٍ لهْ </SPAN>الراوي: (يُغيِّر مجرى الحديث) </SPAN>إنك رجلُ عفّْ </SPAN>لكَ رؤيتُكَ الفذَّةُ في الحريةْ </SPAN>(يصمت، يُضاحكه) </SPAN>قدْ حرَّرَكَ السيفْ </SPAN>وبلاغتُكَ الفذَّةْ </SPAN>هلْ أنسى أنَّكَ شاعرُنا العاشقْ </SPAN>صوت المتفرج: (يأتي من مسجِّل) </SPAN>أشتـــاقُ إليْكِ، ويقْتُلُـني </SPAN>شوْقٌ كمْ عربَدَ في صدْ ري </SPAN>فمتى تأتينَ بفاتحـــــةٍ </SPAN>للوعْدِ .. وخاتمةِ الهجْــرِ </SPAN>فغيابُكِ أضناني عُمْـــراً </SPAN>ولقاؤكِ ميـــلادُ العُمْـرِ </SPAN>عنترة: (معتذراً) هذا من شعر العشق ! </SPAN>صوت المتفرج: (يأتي من مسجِّل): </SPAN>رأيتك بين الرمـل والمـاءِ وردةً </SPAN>تضيءُ دمائي أول العشقِ ، يا سنا </SPAN>ربيعٍ يشقُّ الأُفـقَ هـاتي إلى الذي </SPAN>أحبكِ منذُ البدءِ غُصناً وسوسنـا </SPAN>من الصُّـبحِ يُدنيني إلى سدرةِ الرُّؤى </SPAN>ويملؤُ أُفقي بالخيالِ الذي رنــا </SPAN>إلى رشـإٍ ظلت تهاليلُ فجـــرِه </SPAN>إلى الضَّـوء تُدنيني طريقاً وموطِنا </SPAN>عســـاها تُغنِّي في دهاليزِ غُربتي </SPAN>مواويلَ عشقٍ.هل تُغنِّين؟ كم دنا </SPAN>إليْكِ دبيبُ الوجـدِ فجْراً ومغـرباً </SPAN>أَتنْكَشِفُ الأسرارُ يا موطِنَ العَنَا ؟ </SPAN>وهذي ظِماءُ البِيْدِ تُلقِي حنينَــهَا </SPAN>دماءَ ربابٍ كيفَ أصبحتَ آمِنَا ؟ </SPAN>وفي اليَمِّ مرساتي، وفي الليلِ آهتي </SPAN>تُشكِّلُ طقْسًا لمْ يكُنْ فيكِ كائنا </SPAN>عجبتُ لقلبي كيفَ أصبَحَ بَلْقَعـاً </SPAN>وهـذا الخيالُ الثَّرُّ قدْ صارَ سادِنا </SPAN>لدارِ الرِّمالِ البِيْض والجمرِ والحصى </SPAN>أحلوةَ عمري كيفَ أُقْصيكِ بائِنا ؟ </SPAN>اَعُدُّ نجومي في السَّماءِ .. وأَنتِ لي </SPAN>قتلتُكِ يا حُبِّي .. لكم كُنتُ خائِنا ! </SPAN>الراوي: (مُضاحِكاً) هلُ يشبهُ شعرَكْ؟ </SPAN>عنترة: (مُتجاهلاً) هل تنسى قولي: </SPAN>وأغُضُّ طرْفي ما بدتْ لي جارتي </SPAN>حتى يُواري جارتي مأْواها </SPAN>الراوي: لكنَّك كنت تُحبُّ ابنةَ عمِّكَ عبلةْ </SPAN>ووقفتَ ، صَرَخْتَ بوجْهِ الأعْرافْ </SPAN>وقلتَ الشعرَ وحاربْتَ </SPAN>عنترة: لكني لمْ أحملْ سيفا </SPAN>لأُفرِّقَ صفَّا </SPAN>الراوي: قد تُشعلُ كلمةُ حقٍّ ثورةْ </SPAN>عنترة: ما أكثر ما أكرهُ هذي الكلمةْ! </SPAN>قدْ صارتْ تتردَّدُ ـ أكثر ما تتردّدُ ـ في أفواهِ الخونةْ </SPAN>منْ أعداءِ الثورةِ والحريةْ </SPAN>الراوي: (مستدركاً) </SPAN>إنك أولُ فرسانِ الحريَّةْ </SPAN>في الأرضِ العربيّةْ </SPAN>عنترة: (متهكما) </SPAN>فلماذا لمْ تُشعلْها كلماتٌ تُكتبُ في الصحفِ الصفراءْ </SPAN>تلك الصحفُ المأجورةُ والشوهاءْ؟!! </SPAN>الراوي: (هامساً) إنَّكَ تُفسدُ حفلتنا هذي يا شيخْ! </SPAN>(يظهر الامتعاض على وجه عنترة، ويعود الراوي للخطابة) </SPAN>الراوي: ساعدْني كيْ أتحاورَ معْ عنترةَ العبسي </SPAN>شيبوب: (يدخل بزيه العربي، يتعجَّب من زي الراوي، ويلتصق بعنترة وهو يهتف) </SPAN>لبيكَ أخي .. </SPAN>عنترة: يا شيبوبُ أجِبْه </SPAN>شيبوب: (يُدير رأسه الصغير في كل اتجاه، مردداً في آلية ووجهه تجاه الراوي) </SPAN>لبيكَ أخي .. </SPAN>قلْ .. إني طوْعُ يديْكْ! </SPAN>الراوي: إني أعرفُ حبَّكَ للفارسِ عنترةَ </SPAN>وأعرفُ أنَّكَ عشتَ لصيقَهْ </SPAN>شيبوب: كمْ عذَّبَني هذا .. </SPAN>عشتُ صدى عنترةَ العبسيّْ .. </SPAN>ولمْ يشعرْ أحدٌ بي .. </SPAN>الراوي: كيفْ؟ </SPAN>شيبوب: كان الفارسُ عنترةُ يُحاربُ ويُحبّْ </SPAN>لكني عشتُ حياتي مدفوناً في جُبْ </SPAN>كانَ المتْنَ وكنتُ الهامشَ .. </SPAN>الراوي: (في خبث) </SPAN>ماذا كانَ يُراودُ عنترةَ تجاهك؟ </SPAN>شيبوب: عنترةُ .. كبيرُ القلبِ .. </SPAN>أحبَّ العالمَ كلَّهْ </SPAN>قدْ بادلني حبي .. بالشفقةِ والخوفْ </SPAN>اعترفَ أبوهُ بهِ .. وبحدِّ السيفْ </SPAN>وتزوّج من عبلةْ </SPAN>(في حسرة) </SPAN>وبقِيتُ العبدَ ابنَ زبيبةْ </SPAN>أرعى .. أحلبْ .. </SPAN>عبداً ما عِشْتْ! </SPAN>الراوي: هل مازلتَ تُحبُّهْ؟ </SPAN>شيبوب: (يتعلق بأكتاف عنترة) </SPAN>لما نالَ الحريةَ، وتزوّج عبلةْ </SPAN>أحسستُ بنصفي يتحرّرُ من نير الأغلالْ </SPAN>لكنْ ما يُحزنني .. </SPAN>أنِّي لم أشعر بكياني .. </SPAN>فلقدْ ذُبتُ .. تواريْتُ </SPAN>(يُشير إلى عنترةَ) وراءكَ يا عنترةُ </SPAN>ولمْ أشعرْ أبداً بكياني .. </SPAN>عشتُ العبدَ المهضومَ الحق </SPAN>لم أحمل ـ أبداً ـ سيفا </SPAN>لم أنطق ـ أبداً ـ حرفا .. </SPAN>في حضرةِ أسيادي </SPAN>الراوي: تُفجعُني كلماتُكَ حقا </SPAN>كيف تُعاني يا شيبوبُ </SPAN>وأنت أمامكَ بوقُ الحريةْ؟ </SPAN>(يظهر الامتعاض على وجه عنترة، فيستميله الراوي، ويضع يده على كتفه) </SPAN>الراوي: أقصد صوتَ الحريةْ </SPAN>والداعي الأولَ والمخلصَ للتحريرِ من الرق </SPAN>(يتصنعُ السعادة) </SPAN>هل حقا نحنُ نراكَ الآنْ </SPAN>يا فارسَ عبْس؟ </SPAN>عنترة: (يُخفض بصره، وينظر تجاه شيبوب بحنو) </SPAN>الراوي: كلماتك كانت صوتَ الحريةْ </SPAN>المتفرج: (يصرخ) </SPAN>الحرية </SPAN>الحرية </SPAN>الحرية </SPAN>(يجري المتفرج بين الصفوف، ويصعد إلى خشبة المسرح، يحمل راية العُقاب، ويصرخ) </SPAN>المتفرج: الحريةْ </SPAN>الحرية </SPAN>يحيا عنترةُ العبسيّْ </SPAN>أولُ من غنّى للحقِّ وللحريهْ </SPAN>(يأتي من خلف الصفوف ضابط يحمل مسدساً، وشرطي يحمل عصا، الشرطي يمسك المتفرج، والضابط يسير أمامهما، والمتفرج يصرخ) </SPAN>المتفرج: الحريهْ </SPAN>الحريهْ </SPAN>الضابط: اسكتْ يا وغْد </SPAN>أنت تُثيرُ العامةَ والدَّهْماءْ </SPAN>المتفرج: يا سيدُ .. نحنُ الليلةَ نلعبْ </SPAN>فوقَ الخشبَةْ! </SPAN>خشبةِ هذا المسرحْ </SPAN>والنظارةُ ليسوا العامةَ والدهماءْ </SPAN>فأمامكَ يجلسُ صفوةُ هذا الشعبْ: </SPAN>القاضي، والتاجرُ، والواعظُ، </SPAN>والطالبُ، والعالمُ، والأستاذْ </SPAN>يا سيدُ، إنك تُفسدُ لُعبتَنا </SPAN>(يشد يده من الشرطي ويهتف </SPAN>المتفرج: الحريهْ </SPAN>الحريهْ </SPAN>الضابط: اصمت يا وغدُ وإلا .. </SPAN>المتفرج: (يشير إلى الراوي) هذا الرجلُ يغني للحريةِ مثلي </SPAN>(ضاحكا) لِمَ تتركه الليلةَ يتلبّسُ بالدعوةِ للعصيانِ، </SPAN>.. وتُقصيني؟ </SPAN>(يضرب الشرطي المتفرج بعصاه وقبضته فيقع على الأرض، ويجتمع العسكر والناس) </SPAN>عنترة: (مذهولا) لمَ يضربُهُ العسكرْ؟ </SPAN>لم يفعلْ شيئاً كيْ يُضربْ؟ </SPAN>الراوي: (يمط شفتيه، كأنه يتعجّب أيضا) </SPAN>الضابط: لا تهتم فهذا .. </SPAN>أحدُ السوقةِ يعبثُ بالأمنِ العامْ </SPAN>الراوي: اصبر يا عنترةُ قليلا </SPAN>فسيبعدهُ الشرطيُّ عن المسرح </SPAN>حتى نُكمل سهرتنا .. </SPAN>وتذكّرْ .. عبلةُ لم تحضر بعد! </SPAN>عنترة: اعذرني يا ولدي </SPAN>كيف سأُلقي كلماتي </SPAN>والعسكرُ يترصّدُ من يهتفُ للحرية؟ </SPAN>الراوي: (متململا، يبدو الخوف في محياه) </SPAN>لمْ يترصّدْهُ العسكر </SPAN>لكنْ يحمونكْ! </SPAN>عنترة: ممَّنْ؟ </SPAN>الراوي: ممن يتربّص بكمو الليلةْ </SPAN>أو يتأبَّطُ شرا </SPAN>عنترة: يا ولدي .. هذا طُغيانْ </SPAN>ما يزرعهُ العسكرُ في القاعةِ أثمارٌ مُرَّهْ </SPAN>لا تُنبتُ غيْرَ الأحقادْ </SPAN>لا يزرعُ في الطرقاتِ الشرَّ سوى الطغيانْ </SPAN>الراوي: الضابطُ لمْ يُضمر شرا .. </SPAN>بل قد جاء ليحمينا </SPAN>منْ إرهاب الغوغاء </SPAN>من إرهابٍ يتخفَّى حولَ اللحيةِ والدينْ </SPAN>عنترة: (حزيناً) </SPAN>يا ولدي لا تخلط بين الأشياء </SPAN>هذا صوتي يهتفُ للحريةْ </SPAN>ـ في قولك أنت ـ </SPAN>فلماذا جاء الضابطُ كي يضرب من يهتفُ للحريةْ؟ </SPAN>هذا طغيانٌ أو عدوان </SPAN>يزرعُ في أفئدةِ النظارةِ أثماراً مُرَّهْ </SPAN>لا يزرعُ في الطرقاتِ الشرَّ سوى الطغيانْ </SPAN>(بعد فترة صمت) </SPAN>دعني أذهب يا ولدي </SPAN>الراوي: (يمسك يد عنترة) </SPAN>هل تندمُ يا عنترةُ الآن </SPAN>عنترة: (لا يرد) </SPAN>الراوي: هل تندمُ أنك جئتْ؟ </SPAN>عنترة: لم أندمْ أني جئتْ </SPAN>فأنا اخترتُ قراري </SPAN>(يتحرك) </SPAN>الراوي: (يشد يده) </SPAN>عنترة: إني أرجعُ ثانيةً للصمتْ </SPAN>أختارُ الموتَ </SPAN>.. فذلك أجدى </SPAN>(تُطفأ الأنوار تدريجيا) </SPAN>الراوي: (يُحدِّث نفسه بصوت هامس) </SPAN>ماذا نفعلُ في هذي الليلةْ؟ </SPAN>بمَ نعتذرُ إلى الجمهورْ؟ </SPAN>هم دفعوا ثمن التذكرةِ، ويبغي كلٌّ منهمْ أن يتمتَّعْ </SPAN>عنترة: (لا يتكلم، بينما يبدو الراوي ضيق الصدر) </SPAN>الراوي: لم جئت الليلةَ يا عنترةُ العبسيّْ؟ </SPAN>عنترة: كيْ أسمعَ منكْ </SPAN>لا كيْ أتكلَّمْ </SPAN>الراوي: ولماذا لا تتكلَّمْ؟ </SPAN>عنترة: قد قلتُ كثيراً في الزمنِ الغابرْ </SPAN>حققتُ بأفعالي ، أكثر منْ أقوالي، ما كنتُ أُريدْ </SPAN>الراوي: لمَ تمْضي الآن؟ </SPAN>عنترة: أمْضي حيثُ الصّمتْ </SPAN>أقبعُ في وادي الموتِ </SPAN>وحيداً في مقبرتي .. </SPAN>حيثُ الأرضُ الرَّحبةْ </SPAN>لا يُفزعُني صوْت </SPAN>(يبلع ريقه) </SPAN>يا ولدي .. أرضكمو ضيِّقةٌ خَرِبَهْ </SPAN>أضْيَقُ من ثقبِ الإبرةْ </SPAN>وعقولكمو تتفلسفُ في الأقوالِ الفارغةِ الجوفاءْ </SPAN>تتغنّى بالحريةِ بيْنا تصطنعُ الأغلالْ </SPAN>ولقائي برجالكمو الجوفِ .. مُحالْ </SPAN>(تُطفأ الأضواء جميعاً) </SPAN>(يُسمع صوت عنترة) </SPAN>عنترة: يا موتْ </SPAN>يا خانِقَ هذا النَّبْتْ </SPAN>يا ظِلَّ خفافيشِ الليْلِ، </SPAN>ومُطْفِئَ هذا الصَّوْتْ </SPAN>يا فاتِحَ قبْري </SPAN>يا مُستقبِلَ لَعَناتي </SPAN>يا فاضِحَ سِرِّي </SPAN>منْ سيُسامرُكَ الليلةَ </SPAN>بأساطيرِكَ عنْ خيْباتي </SPAN>منْ يسْتعْوْذُ ويُحوْقِلُ منْكْ؟ </SPAN>حتّى يتجنَّبَ قبْضاتِكَ </SPAN>أوْ يبعُدَ عنْكْ؟ </SPAN>الراوي: ماذا نصنعُ معَ عنترةَ العبسيّْ </SPAN>ليسَ رحيبَ الأُفْقِ ـ كما كنا نرجو ـ </SPAN>.. ليُحاورنا </SPAN>فليذهبْ حيثُ الصمتْ </SPAN>محتفياً بالموتْ .. </SPAN>ولنستكملْ نحن السهرةْ </SPAN>سهرتَنا الليلةْ </SPAN>يُمكن أن نقرأَ شعره </SPAN>في عبلةْ </SPAN>أو تتحفُنا الراقصةُ البدويَّةُ "مُهرةْ" </SPAN>بالرقصاتِ الشيطانيَّةْ </SPAN>حتى منتصفِ الليلْ </SPAN>وليهْنأ عنترةُ العبسيُّ بنومتِهِ الحلوةِ </SPAN>والصمتْ </SPAN>في وادي الموت!! </SPAN>(صقر بلدروز) | |
|
عبدالله النعيمي عــضـو جـديــد
المشاركات : 1 العمر : 29 العمل/الترفيه : طالب نقاط : 5018 الاقامة : بلدروز تاريخ التسجيل : 26/02/2011 توقيع المنتدى :
| موضوع: رد: سهرة مع عنترة نص مسرحي ........ الأربعاء مارس 02, 2011 7:46 am | |
| | |
|